الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية سياسيون يحللون زيارة الحبيب الصيد الى مقر النهضة: إخلال بالبروتوكولات..ومسعى للتهدئة وإنهاء الخلافات

نشر في  12 أوت 2015  (12:08)

تحول مساء  الجمعة الماضية رئيس الحكومة الحبيب الصيد إلى مقرّ حركة النهضة بمونبليزير بالعاصمة للاجتماع مع قيادات الحركة وذلك بحضور رئيسها راشد الغنوشي.
وقد ذكرت حركة النهضة في بيان مقتضب لها أن اللقاء الذي يعدّ الأول من نوعه يؤديه الحبيب الصيد إلى مقر حركة النهضة يأتي للتباحث في مختلف القضايا السياسية وقضايا التشارك في الحكم، دون تقديم مزيد من التفاصيل.
وقد أثارت هذه الزيارة ردود فعل متناقضة وطرحت العديد من علامات الاستفهام من قبل بعض التونسيين وعدد من الأطراف الناشطة في الحقل السياسي خاصة حول توقيتها والهدف منها في هذه الفترة بالذات، وإن كانت ستشمل أحزابا أخرى ممثلة للائتلاف الرباعي الحاكم باعتبار أنها أتت قبيل الإعلان عن التعيينات في سلك الولاة، الذي خلّف هو الأخر العديد من التجاذبات خاصة بين الحزبين الحاكمين «الكبيرين» (نداء تونس والنهضة).
ونتيجة لما أسفرت عنه هذه الزيارة من تساؤلات وفي انتظار الكشف عن «خباياها وكواليسها» ارتأت أخبار الجمهورية الاتصال بهذه الشخصيات لرصد مواقفهم من المسألة المطروحة فكان التالي...

عبد اللطيف الحناشي: زيارة الصيد للنهضة مخالفة «للشكل والبروتوكول السياسيين»

في البداية، اعتبر المؤرخ والباحث في التاريخ المعاصر عبد اللطيف الحناشي أنه على مستوى الشكل والبروتوكول المفروض أن يتحول رئيس حزب نداء تونس إلى مقر حزب النهضة لمقابلة القيادات النهضوية وليس رئيس الحكومة الذي لا يحمل صفة حزبية معينة بل صفة تتمثل في إدارة حكومة.
 وأشار محدثنا إلى أن هذا الأمر يمثل سابقة في هذا المجال على حد تعبيره، مفسرا إياه  بعدة عوامل من بينها السبب الحقيقي الذي دفع رئيس الحكومة بالقيام بهذه الزيارة، حيث رجّح الحناشي أنه يتعدى مناقشة التعيينات الإدارية المختلفة في الظاهر ليصل أساسا لمناقشة مسألة المصالحة ببعديها السياسي والاقتصادي.
وأضاف محدثنا أنّ الحبيب الصيد أراد من خلال زيارته الأخيرة ضمان موقف مساند من حزب النهضة التي تواجه بدورها ضغوطات كبيرة من قبل بعض القيادات العليا والوسطى سواء في مجلس الشورى أو «اللجنة التنفيذية « ناهيك عن القواعد الرافضة لصيغة المصالحة كما تطرحها الحكومة وحزب نداء تونس والتي تطالب بتفعيل العدالة الانتقالية من خلال الهيئة الدستورية المتمثلة في هيئة الحقيقة والكرامة...
وفي سياق متصّل اعتبر المؤرخ والباحث أن الزيارة يمكن لها أن تندرج في إطار المشاورات حول علاقات تونس الخارجية وخاصة مع دول الجوار وتحديدا علاقة تونس بكل من الجزائر وليبيا على خلفية «الإشكالات الحاصلة» مع الجزائر وإمكانية بلورة مواقف محددة مما تعرفه الأزمة الليبية من تطورات في المدى القريب..
وختم عبد اللطيف الحناشي مداخلته معنا قائلا إنّ هذه الزيارة ساهمت مرة أخرى في تأكيد تزايد دور حركة النهضة في الحياة السياسية بل في اتخاذ القرار السياسي وأهمية دورها كرقم صعب.

قيس سعيد: لهذا السبب اضطر رئيس الحكومة الى زيارة مقر النهضة..

بدوره أكد أستاذ القانون الدستوري والمحلل السياسي قيس سعيد أنّ تحوّل رئيس الحكومة إلى أي مقر حزب آخر كان سيثير ذات ردود الفعل والجدل اللذين أثارتهما زيارته لمقر حزب النهضة، معتبرا أنّ القضية لا تتعلق فقط بزيارة الصيد لمقر حزب من الأحزاب بقدر ما تتعلق بمقاربة عدد من الذين نددوا أو من الذين تحفظوا على هذه الزيارة من التحالف الذي قام منذ الانتخابات التشريعية الماضية.
وأضاف محدثنا قوله  : «لم تجر العادة في تونس أن يتحول أحد المسؤولين إلى مقر حزب سياسي للحديث أو للتفاوض في مسائل تهم الدولة، فهذه المسائل مقرها مؤسسات الدولة لا مقرات الأحزاب».
ومن جهة أخرى، اعتبر سعيد أنّ هذه الزيارة عكست عدم قيام التنسيقية التي تم إحداثها بين أحزاب الإئتلاف الحاكم بدورها، وكذلك إلى عدم حسم المسائل التي لا تزال عالقة في مستواها أو في إطارها وهو ما اضطُر الصيد إلى القيام بمثل هذه الزيارة.
وأشار أستاذ القانون الدستوري إلى أنّ التناقضات داخل الائتلاف الحاكم بدأت اليوم تطفو على السطح بأكثر شدة وفق تعبيره، وهو ما دفع إلى البحث عن سبل أخرى للحدّ منها على الأقل. وأشار محدثنا إلى أنّ التحالف الذي وقع «اضطرارا» بين الحزبين اللذين تحصلا على أكثر عدد من المقاعد واللذين يمثلان مركز الثقل السياسي اليوم لا يسير بشكل طبيعي، حيث كان منذ البداية كل طرف يتوجّس «شرا» من الطرف الآخر وقد يكون هذا التوجس قد بلغ مداه بمناسبة التعيينات الأخيرة على الصعيدين المركزي والجهوي وهو ما دفع إلى البحث عن سبل وآليات جديدة للخروج من هذا الوضع وفق تعبيره.
وختم محدثنا تصريحه قائلا ان بوادر التصدّع المرشحة إلى التزايد في المستقبل بدأت تظهر على ملامح التحالف الذي وقع بين الحزبين.       

علي بنور: زيارة ستخلق المشاكل بين الأطراف السياسية الفاعلة

ومن جهته وقبل التعليق على زيارة رئيس الحكومة لمقر حركة النهضة، أكد القيادي بحزب آفاق تونس والنائب بمجلس الشعب علي بنور أنه ضدّ فكرة التنسيقية التي كان أول من طرحها حزب آفاق تونس كشكل من أشكال تكوين حزام سياسي حول الحكومة التي لم تكن في وضعية جيدة ـ وفق تعبيره ـ وذلك قصد الحصول على أكبر نسبة وفاق ممكنة بين الأحزاب السياسية الفاعلة وللمشورة مع الحكومة.
وعلّل محدثنا معارضته لهذه التنسيقية باعتبار أنه رأى فيها محاصرة للحكومة وإضاعة للوقت وكذلك عكسا لعدم إعطاء الثقة فيها وهو ما سيخلق مشاكل في المستقبل.
وفي ما يخصّ موقفه من زيارة الحبيب الصيد إلى مقر حركة النهضة، اعتبر بنور أنها ستخلق هي أيضا مشاكل وتجاذبات بين الأطراف السياسية التي سوف تطالب هي بدورها بزيارة على شاكلة الزيارة التي أداها الصيد إلى حركة النهضة. وأشار من جهة أخرى الى أنّ هذه الزيارة رغم كل الذي أثارته لم تنقص من شأن الصيد وتقلل منه معتبرا أنّ هنالك العديد من المشاكل الأخرى العالقة التي هي أهم بكثير من هذه الزيارة مثل مسألة التعيينات وما طرحته من تجاذبات كبيرة.

إعداد: منارة تليجاني